Chronological
5 وَنَحْنُ نَعْلَمُ أنَّهُ عِنْدَمَا تَنْهَدِمُ خَيْمَتُنَا الأرْضِيَّةُ، فَإنَّ لَنَا بِنَاءً مِنَ اللهِ، بَيْتًا أبَدِيًّا فِي السَّمَاءِ. وَهُوَ بَيتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِأيدِي النَّاسِ. 2 لِذَلِكَ نَئنُّ وَنَحْنُ فِي هَذَا المَسكَنِ مُشتَاقِينَ أنْ نَلبَسَ مَسكَنَنَا السَّمَاوِيَّ. 3 فَإنْ لَبِسنَاهُ، لَا نَكُونُ عُرَاةً فِيمَا بَعْدُ. 4 فَنَحْنُ الَّذِينَ نَئِنُّ فِي هَذَا المَسكَنِ تَحْتَ حِملٍ ثَقِيلٍ، لَا نَشتَاقُ إلَى أنْ نَتَخَلَّصَ مِنْ جَسَدِنَا الأرْضِيِّ الحَالِيِّ، بَلْ نَشتَاقُ إلَى أنْ نَلبَسَ الجَسَدَ السَّمَاوِيَّ فَوقَهُ، فَتَتَغَلَّبُ الحَيَاةُ عَلَى المَوْتِ. 5 فَالَّذِي أعَدَّنَا لِهَذَا الهَدَفِ هُوَ اللهُ، وَهُوَ الَّذِي أعطَانَا الرُّوحَ القُدُسَ عُربُونًا يَضْمَنُ أنَّهُ سَيُعطِينَا مَا وَعَدَنَا بِهِ.
6 وَنَحْنُ عَلَى ثِقَةٍ دَائِمَةٍ بِهَذَا، لِأنَّنَا نَعْرِفُ أنَّنَا مَا دُمنَا نَعِيشُ فِي جَسَدِنَا، نَكُونُ مُتَغَرِّبِينَ عَنِ الرَّبِّ. 7 أقُولُ هَذَا لِأنَّنَا نَسْلُكُ عَلَى أسَاسِ الإيمَانِ، لَا عَلَى أسَاسِ مَا يُمكِنُنَا رُؤيَتَهُ. 8 وَإنَّنَا لَوَاثِقُونَ مِنْ هَذَا، وَنُفَضِّلُ أنْ نُغَادِرَ أجسَادَنَا وَنَذهَبَ لِنَسْتَقِرَّ عِنْدَ الرَّبِّ. 9 وَلِهَذَا فَإنَّ طُمُوحَنَا، سَوَاءٌ كُنَّا حَاضِرِينَ عِنْدَهُ أوْ مُتَغَرِّبِينَ عَنْهُ، هُوَ أنْ نُرضِيَهُ. 10 إذْ يَنْبَغِي أنْ نَقِفَ جَمِيعًا أمَامَ كُرسِيِّ قَضَاءِ المَسِيحِ، لِكَي يَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ جَزَاءَ مَا فَعَلَهُ وَهُوَ فِي هَذَا الجَسَدِ، خَيْرًا كَانَ أمْ شَرًّا.
مُسَاعَدَةُ النَّاسِ عَلَى مَعْرِفَةِ الله
11 وَلِهَذَا، بِمَا أنَّنَا نَعْرِفُ مَا تَعْنِيهِ مَهَابَةُ الرَّبِّ، نُقنِعُ النَّاسَ بِقُبُولِ الحَقِّ. اللهُ يَعْرِفُنَا جَيِّدًا، وَأرْجُو أنْ نَكُونَ مَعرُوفِينَ جَيِّدًا لَدَيْكُمْ أيْضًا. 12 وَنَحْنُ بِهَذَا لَا نَمدَحُ أنْفُسَنَا، بَلْ نُعطِيكُمْ فُرصَةً لِلِافتِخَارِ بِنَا، لِكَي تَرُدُّوا عَلَى الَّذِينَ يَفْتَخِرُونَ بِالمَظهَرِ لَا بِالقَلْبِ. 13 فَإنْ كُنَّا نَتَصَرَّفُ كَمَجَانِينَ، فَنَحْنُ مَجَانِينُ للهِ! وَإنْ كُنَّا عَاقِلِينَ، فَنَحْنُ عَاقِلُونَ مِنْ أجْلِكُمْ. 14 فَمَحَبَّةُ المَسِيحِ تَدْفَعُنَا، لِأنَّنَا نُؤمِنُ بِهَذَا: إنْ مَاتَ إنْسَانٌ مِنْ أجْلِ جَمِيعِ البَشَرِ، فَالجَمِيعُ إذًا قَدْ مَاتُوا. 15 وَقَدْ مَاتَ المَسِيحُ مِنْ أجْلِ جَمِيعِ البَشَرِ، لِكَيْ لَا يَعِيشَ الأحيَاءُ لِأنْفُسِهِمْ فِيمَا بَعْدُ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ وَأُقِيمَ مِنَ المَوْتِ مِنْ أجْلِهِمْ.
16 وَلِهَذَا فَإنَّنَا، مِنَ الآنَ فَصَاعِدًا، لَا نَنظُرُ إلَى أحَدٍ مِنْ وُجهَةِ نَظَرٍ أرْضِيَّةٍ. وَرُغْمَ أنَّنَا كُنَّا نَنظُرُ هَكَذَا إلَى المَسِيحِ، إلَّا أنَّنَا لَا نَنظُرُ بَعْدُ إلَيْهِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ. 17 إذًا إنْ كَانَ أحَدٌ فِي المَسِيحِ، فَهُوَ الآنَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. النِّظَامُ القَدِيمُ قَدِ انْتَهَى، وَهَا كُلُّ شَيءٍ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.
18 وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ اللهِ الَّذِي صَالَحَنَا مَعَ نَفْسِهِ فِي المَسِيحِ، وَأعطَانَا أنْ نَحمِلَ رِسَالَةَ المُصَالَحَةِ. 19 فَرِسَالَتُنَا هِيَ أنَّ اللهَ فِي المَسِيحِ قَدْ صَالَحَ العَالَمَ مَعَ نَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ. وَقَدْ أعطَانَا رِسَالَةَ المُصَالَحَةِ. 20 فَنَحْنُ نَعمَلُ كَسُفَرَاءَ لِلمَسِيحِ، وَكَأنَّ اللهَ يَدْعُوكُمْ بِوَاسِطَتِنَا. لِذَلِكَ نَطلُبُ إلَيكُمْ نِيَابَةً عَنِ المَسِيحِ: «تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.» 21 لِأنَّ اللهَ جَعَلَ المَسِيحَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً[a] مِنْ أجْلِنَا، لِكَي يَصِيرَ لَنَا فِيهِ بِرُّ اللهِ.
6 وَبِمَا أنَّنَا نَعمَلُ مَعًا مَعَ اللهِ، نَحُثُّكُمْ عَلَى أنْ لَا تُبَدِّدُوا نِعْمَةَ اللهِ الَّتِي نِلتُمُوهَا. 2 فَاللهُ يَقُولُ:
«فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ سَمِعْتُكَ،
وَفِي يَوْمِ الخَلَاصِ جِئتُ لِمَعُونَتِكَ.»[b]
فَهَا هُوَ الآنَ الوَقْتُ المُنَاسِبُ، وَالْآنَ هُوَ يَوْمُ الخَلَاصِ.
3 إنَّنَا لَا نَضَعُ عَقَبَةً أمَامَ أحَدٍ، لِئَلَّا تُلَامَ خِدمَتُنَا. 4 بَلْ نُظهِرُ أنْفُسَنَا بِلَا مَلَامَةٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا يَلِيقُ بِخُدَّامِ اللهِ: بِاحتِمَالٍ كَبيرٍ فِي المِحَنِ وَالمَصَائِبِ وَالصُّعُوبَاتِ. 5 فَقَدْ تَعَرَّضنَا لِلضَّربِ الكَثِيرِ وَالحَبسِ المُتَكَرِّرِ، فِي حَمَلَاتٍ غَاضِبَةٍ ضِدَّنَا وَمَشَقَّاتٍ كَثيرَةٍ، فِي السَّهَرِ وَالجُوعِ. 6 نُظهِرُ أنَّنَا خُدَّامُ اللهِ بِنَقَائِنَا وَمَعْرِفَتِنَا، بِصَبرِنَا وَلُطفِنَا، بِمَوَاهِبِ الرُّوحِ القُدُسِ، وَبِمَحَبَّتِنَا الأصِيلَةِ، 7 وَبِرِسَالَةِ الحَقِّ الَّتِي نَحمِلُهَا، وَبِقُوَّةِ اللهِ. نَتَسَلَّحُ بِالصَّلَاحِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِلدِّفَاعِ وَالهُجُومِ مَعًا. 8 نُظهِرُ أنْفُسَنَا عِنْدَمَا يُكرِمُنَا النَّاسُ وَيُهِينُونَنَا، بِصِيتٍ حَسَنٍ أوْ بِصِيتٍ سَيِّئٍ. نُعتَبَرُ مُخَادِعِينَ مَعَ أنَّنَا صَادِقُونَ. 9 نُعتَبَرُ مَجهُولِينَ مَعَ أنَّنَا مَعرُوفُونَ. نَبْدو قَرِيبِينَ مِنَ المَوْتِ، لَكِنْ هَا نَحْنُ أحيَاءٌ! نُعَاقَبُ وَلَكِنَّنَا لَا نُقتَلُ. 10 كَأنَّنَا حَزَانَى، مَعَ أنَّنَا فِي ابتِهَاجٍ دَائِمٍ. كَفُقَرَاءَ، مَعَ أنَّنَا نُغنِي كَثِيرِينَ. كَأنَّنَا لَا نَمْلُكُ شَيْئًا، مَعَ أنَّنَا نَمْلُكُ كُلَّ شَيءٍ.
11 أيُّهَا الكُورِنْثِيُّونَ، تَحَدَّثنَا إلَيكُمْ بِحُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ. وَقُلُوبُنَا مَفتُوحَةٌ لَكُمْ. 12 نَحْنُ لَا نَبخَلُ عَلَيْكُمْ بِمَحَبَّتِنَا، أمَّا أنْتُمْ فَتَبْخَلُونَ بِمَا فِي دَاخِلِكُمْ. 13 أنَا أتَحَدَّثُ إلَيكُمْ كَأبنَائِي وَأقُولُ: افتَحُوا أنْتُمْ أيْضًا قُلُوبَكُمْ لَنَا كَمَا نَحْنُ لَكُمْ.
تَحْذِيرٌ مِنْ غَيْرِ المُؤمِنِين
14 لَا تَكُونُوا شُرَكَاءَ مَعَ غَيْرِ المُؤمِنِينَ. فَمَا الَّذِي يَجْمَعُ مَا بَيْنَ الصَّلَاحِ وَالإثمِ؟ أوْ أيَّةُ مُشَارَكَةٍ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلمَةِ؟ 15 وَأيُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ المَسِيحِ وَالشَّيطَانِ؟[c] أوْ أيُّ نَصِيبٍ لِلمُؤمِنِ مَعَ غَيْرِ المُؤمِنِ؟ 16 وَأيُّ اتِّحَادٍ بَيْنَ هَيْكَلِ اللهِ وَالأوْثَانِ؟ فَنَحْنُ هَيكَلُ اللهِ الحَيِّ. فَكَمَا قَالَ اللهُ:
«سَأسكُنُ بَيْنَهُمْ،
وَأسِيرُ بَيْنَهُمْ.
سَأكُونُ إلَهَهُمْ،
وَسَيَكُونُونَ شَعْبِي.»
17 وَيَقُولُ الرَّبُّ:
«فَاخرُجُوا مِنْ وَسَطِهِمْ،
وَانفَصِلُوا عَنْهُمْ.
وَلَا تَلْمِسُوا فِيمَا بَعْدُ شَيْئًا نَجِسًا.
حِينَئِذٍ سَأقبَلُكُمْ،
18 وَسَأكُونُ أبًا لَكُمْ،
وَتَكُونُونَ أبنَائِي وَبَنَاتِي،
يَقُولُ الرَّبُّ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ.»[d]
7 أيُّهَا الأحِبَّاءُ، هَذِهِ الوُعُودُ لَنَا. فَلنُطَهِّرْ نُفُوسَنَا مِنْ كُلِّ مَا يُلَوِّثُ الجَسَدَ وَالرُّوحَ، مُتَمِّمِينَ قَدَاسَتَنَا إكرَامًا للهِ.
فَرَحُ بُولُس
2 أفسِحُوا مَكَانًا لَنَا فِي قُلُوبِكُمْ، فَنَحْنُ لَمْ نُسِئْ إلَى أحَدٍ مِنْكُمْ. لَمْ نُفسِدْ أحَدًا مِنْكُمْ وَلَمْ نَسْتَغِلَّ أحَدًا مِنْكُمْ. 3 وَأنَا لَا أقُولُ هَذَا إدَانَةً لَكُمْ. فَقَدْ سَبَقَ أنْ قُلْتُ لَكُمْ إنَّكُمْ فِي قُلُوبِنَا، وَنَحْنُ مُسْتَعِدُّونَ أنْ نَمُوتَ وَأنْ نَعِيشَ مَعَكُمْ. 4 وَلِي ثِقَةٌ كَبِيرَةٌ بِكُمْ. بَلْ أنَا فَخُورٌ بِكُمْ. شَجَّعتُمُونِي كَثِيرًا. لِهَذَا أفرَحُ فَرَحًا كَبِيرًا حَتَّى فِي أوقَاتِ الضِّيقِ هَذِهِ.
5 فَحَتَّى لَمَّا وَصَلنَا إلَى مَكدُونِيَّةَ، لَمْ نَعْرِفْ طَعمَ الرَّاحَةِ. بَلْ تَضَايَقنَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، بِسَبَبِ صِرَاعَاتٍ مِنَ الخَارِجِ وَمَخَاوِفَ مِنَ الدَّاخِلِ. 6 لَكِنَّ اللهَ الَّذِي يُعَزِّي المُتَضَايِقِينَ عَزَّانَا بِوُصُولِ تِيطُسَ. 7 وَلَمْ يُعَزِّنَا بِوُصُولِهِ فَحَسْبُ، بَلْ أيْضًا بِالتَّعزِيَةِ الَّتِي كُنْتُمْ قَدْ عَزَّيتُمُوهُ بِهَا. وَقَدْ أخبَرَنَا عَنْ شَوقِكُمْ إلَى رُؤيَتِنَا، وَنَدَمِكُمْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ، وَاهتِمَامِكُمُ العَمِيقِ بِي، فَزَادَنِي هَذَا فَرَحًا.
8 فَرُغْمَ أنِّي أحزَنتُكُمْ بِرِسَالَتِي السَّابِقَةِ، إلَّا أنِّي غَيْرُ حَزينٍ الآنَ عَلَى كِتَابَتِهَا. مَعَ أنِّي حَزِنْتُ حِينَهَا، لِأنِّي أدرَكتُ أنَّ تِلْكَ الرِّسَالَةَ أحزَنَتكُمْ، وَلَوْ لِفَترَةٍ قَصِيرَةٍ. 9 لَكِنِّي الآنَ مَسرُورٌ، لَا لِأنَّكُمْ حَزِنتُمْ، بَلْ لِأنَّ حُزنَكُمْ أدَّى بِكُمْ إلَى التَّوبَةِ. فَقَدْ حَزِنتُمْ كَمَا يُرِيدُ اللهُ، وَهَكَذَا لَمْ نُؤذِكُمْ نَحْنُ فِي شَيءٍ. 10 فَالحُزنُ بِحَسَبِ مَشيئَةِ اللهِ، يُؤَدِّي إلَى التَّوبَةِ. وَالتَّوبَةُ تَقُودُ إلَى الخَلَاصِ الَّذِي لَا نَدَمَ عَلَيْهِ. أمَّا الحُزنُ الَّذِي فِي العَالَمِ، فَيُؤَدِّي إلَى المَوْتِ.
11 وَلِأنَّكُمْ حَزِنتُمْ بِحَسَبِ مَشيئةِ اللهِ، لَاحِظُوا مَا أنتَجَهُ فِيكُمْ: جَعَلَكُمْ جَادِّينَ. جَعَلَكُمْ تُدَافِعونَ عَنْ بَرَاءَتِكُمْ. جَعَلَكُمْ تَغْضَبُونَ مِنَ الشَّخصِ المُذنِبِ. جَعَلَكُمْ تَخَافُونَ. جَعَلَكُمْ تَشتَاقُونَ إلَى رُؤيَتِنَا. وَجَعَلَكُمْ غَيُورِينَ فِي مَسألَةِ مُعَاقَبَةِ الرَّجُلِ الَّذِي أخْطَأَ. لَقَدْ أظْهَرتُمْ فِي كُلِّ شَيءٍ أنَّكُمْ بِلَا لَومٍ فِي هَذِهِ المَسألَةِ.
12 إنْ كُنْتُ قَدْ كَتَبْتُ تِلْكَ الرِّسَالَةَ، فَإنِّي لَمْ أكتُبْهَا بِسَبَبِ الشَّخصِ الَّذِي أخْطَأَ، وَلَا بِسَبَبِ الشَّخصِ الَّذِي أُسِيئَ إلَيْهِ. إنَّمَا كَتَبْتُهَا لِكَي أُبَيِّنَ لَكُمْ، أمَامَ اللهِ، مَدَى اهتِمَامِكُمْ بِنَا. 13 وَهَذَا هُوَ مَا شَجَّعَنَا.
وَعَلَاوَةً عَلَى هَذَا التَّشجِيعِ، زَادَنَا تِيطُسُ فَرَحًا بِفَرَحِهِ، لِأنَّكُمْ جَمِيعًا أنعَشتُمْ رُوحَهُ. 14 فَلَمْ أخجَلْ بِسَبَبِ افتِخَارِنَا بِكُمْ أمَامَهُ. بَلْ كَمَا صَدَقَ كُلُّ مَا كَلَّمنَاكُمْ بِهِ، هَكَذَا صَدَقَ أيْضًا افتِخَارُنَا بِكُمْ أمَامَ تِيطُسَ. 15 وَكُلَّمَا تَذَكَّرَ تِيطُسُ لَهفَتَكُمْ جَمِيعًا لِلطَّاعَةِ، وَتَرْحِيبَكُمْ بِهِ بِاحتِرَامٍ وَمَهَابَةٍ، فَاضَتْ عَوَاطِفُهُ نَحوَكُمْ بِقُوَّةٍ أكبَرَ. 16 وَإنَّهُ لَيَسُرُّنِي أنْ أستَطِيعَ أنْ أثِقَ بِكُمْ ثِقَةً كَامِلَةً.
العَطَاءُ المَسِيحِيّ
8 وَالْآنَ أيُّهَا الإخْوَةُ، نُرِيدُ أنْ نُطلِعَكُمْ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِلكَنَائِسِ فِي مُقَاطَعَةِ مَكدُونِيَّةَ. 2 فَرُغْمَ الضِّيقَاتِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي امتُحِنُوا بِهَا، إلَّا أنَّ فَيضَ سَعَادَتِهِمْ وَشِدَّةَ فَقرِهِمْ فَاضَا فِي كَرَمِهِمُ الوَافِرِ. 3 وَيُمكِنُنِي أنْ أشهَدَ أنَّهُمْ أعطَوْا عَلَى قَدَرِ استِطَاعَتِهِمْ، بَلْ وَفَوقَ استِطَاعَتِهِمْ. وَقَدْ فَعَلُوا هَذَا بِمُبَادَرَةٍ مِنْهُمْ. 4 وَظَلُّوا يَرْجُونَنَا بِإلحَاحٍ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ النِّعمَةِ، لِكَي يُشَارِكُوا فِي هَذِهِ الخِدْمَةِ لِشَعْبِ اللهِ. 5 وَلَمْ يُعطُوا كَمَا تَوَقَّعنَا، بَلْ أعْطَوْا أنْفُسَهُمْ أوَّلًا لِلرَّبِّ، ثُمَّ لَنَا انسِجَامًا مَعَ مَشِيئَةِ اللهِ.
6 وَقَدْ طَلَبْنَا مِنْ تِيطُسَ أنْ يُكمِلَ مِنْ أجْلِكُمْ عَمَلَ النِّعمَةِ الَّذِي ابتَدَأهُ. 7 فَأنْتُمْ أغنِيَاءٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ: فِي الإيمَانِ، وَفِي الكَلَامِ، وَفِي المَعْرِفَةِ، وَفِي الحَمَاسَةِ لِتَقْدِيمِ العَونِ بِكُلِّ طَرِيقَةٍ، وَفِي المَحَبَّةِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا مِنَّا. لِهَذَا يَنْبَغِي أنْ تَكُونُوا أغنِيَاءً فِي نِعْمَةِ العَطَاءِ أيْضًا.
8 وَأنَا لَا أقُولُ هَذَا آمِرًا إيَّاكُمْ، لَكِنِّي بِحَدِيثِي عَنْ حَمَاسَةِ الآخَرِينَ، أمتَحِنُ أصَالَةَ مَحَبَّتِكُمْ. 9 فَأنْتُمْ تَعْرِفُونَ النِّعمَةَ الَّتِي أظْهَرَهَا رَبُّنَا يَسُوعُ المَسِيحُ. فَمَعَ أنَّهُ كَانَ غَنِيًّا، صَارَ فَقِيرًا مِنْ أجْلِكُمْ، لِكَي تَصِيرُوا أغنِيَاءَ بِفَقرِهِ. 10 وَأُقَدِّمُ رَأيًا فِي هَذِهِ المَسألَةِ أيْضًا لِفَائِدَتِكُمْ. فَقَدْ كُنْتُمْ فِي السَّنَةِ المَاضِيَةِ أوَّلَ مَنْ رَغِبَ فِي العَطَاءِ، وَأوَّلَ مَنْ أعْطَى.
11 فَالآنَ، أتِمُّوا العَطَاءَ أيْضًا. فَكَمَا كَانَ لَدَيْكُمْ الاستِعدَادُ لِلعَطَاءِ وَالرَّغبَةُ فِيهِ سَابِقًا، لِيَكُنْ لَدَيْكُمْ أيْضًا الاستِعدَادُ الآنَ لإتمَامِ هَذِهِ المَهَمَّةِ حَسَبَ مَا لَدَيْكُمْ. 12 فَإنْ كَانَ الاستِعدَادُ لِلعَطَاءِ مَوجُودًا، فَسَتَكُونُ العَطِيَّةُ مَقبُولَةً عَلَى أسَاسِ مَا يَمْلِكُهُ المَرءُ، لَا عَلَى أسَاسِ مَا لَا يَمْلِكُهُ. 13 فَلَيْسَ القَصدُ مِنْ عَطَائِكُمْ أنْ تَتَيَسَّرَ أُمُورُ غَيرِكُمْ وَتَتَعَسَّرَ أُمُورُكُمْ. بَلْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَوَازُنٌ. 14 فَلَدَيْكُمُ الآنَ وَفرَةٌ تَسُدُّ حَاجَتَهُمْ، حَتَّى إذَا صَارَتْ لَدَيهِمْ وَفرَةٌ يَسُدُّونَ حَاجَتَكُمْ، فَيَتَحَقَّقُ التَّوَازُنُ. 15 فَكَمَا يَقُولُ الكِتَابُ:
«الَّذِي جَمَعَ كَثِيرًا لَمْ يَفِضْ عَنْ حَاجَتِهِ،
وَالَّذِي جَمَعَ قَلِيلًا لَمْ يَنْقُصْهُ شَيءٌ.»[e]
تِيطُسُ وَرِفَاقُه
16 أشكُرُ اللهَ الَّذِي وَضَعَ فِي قَلْبِ تِيطُسَ لَهفَةً كَلَهفَتِنَا إلَى مُسَاعَدَتِكُمْ. 17 فَقَدْ رَحَّبَ بِطَلَبِنَا. وَإذْ كَانَ مُتَلَهِّفًا جِدًّا، جَاءَ لِزِيَارَتِكُمْ بِمِلءِ إرَادتِهِ. 18 وَهَا نَحْنُ نُرسِلُهُ إلَيكُمْ مَعَ الأخِ الَّذِي تَمْدَحُهُ كُلُّ الكَنَائِسِ بِسَبَبِ نَشَاطِهِ فِي إعلَانِ البِشَارَةِ. 19 فَقَدْ عَيَّنَتهُ الكَنَائِسُ رَفِيقَ سَفَرٍ لَنَا عِنْدَمَا نَحمِلُ هَذِهِ العَطِيَّةَ. وَهُوَ العَمَلُ الَّذِي نَقُومُ بِهِ لِنُكرِمَ الرَّبَّ نَفْسَهُ، وَلِنُبَيِّنَ استِعدَادَنَا لِتَقْدِيمِ العَونِ.
20 وَنَحْنُ حَرِيصُونَ عَلَى أنْ لَا يَنْتَقِدَنَا أحَدٌ بِسَبَبِ هَذَا العَطَاءِ الكَبِيرِ الَّذِي نَتَوَلَّى أمْرَهُ. 21 إذْ يَهُمُّنَا أنْ تَكُونَ لَنَا سُمعَةٌ طَيِّبَةٌ لَا عِنْدَ الرَّبِّ فَحَسْبُ، بَلْ عِنْدَ النَّاسِ أيْضًا.
22 وَسَنُرسِلُ مَعَهُمَا أخَانَا الَّذِي أثبَتَ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ وَمُنَاسَبَاتٍ عَدِيدَةٍ أنَّ لَدَيهِ حَمَاسَةٌ لِتَقْدِيمِ العَونِ. وَهُوَ الآنَ أكْثَرُ حَمَاسَةً نَظَرًا لِثِقَتِهِ العَظِيمَةِ بِكُمْ.
23 وَإنْ كَانَ لَدَيْكُمْ أيُّ سُؤَالٍ حَوْلَ تِيطُسَ، فَإنِّي أقُولُ لَكُمْ إنَّهُ شَرِيكِي وَعَامِلٌ مَعِي فِي خِدمَتِكُمْ. وَأمَّا بِالنِّسبَةِ لِأخَوَينَا اللَّذَينِ يُرَافِقَانِهِ، فَأقُولَ إنَّهُمَا مُمَثِّلَانِ لِلكَنَائِسِ وَيَخْدِمَانِ لِمَجْدِ المَسِيحِ. 24 فَبَيِّنُوا لَهُمْ بُرهَانَ مَحَبَّتِكُمْ وَسَبَبَ افتِخَارِنَا بِكُمْ، فَتَرَى كُلُّ الكَنَائِسِ ذَلِكَ.
مُسَاعَدَةُ الإخوَة
9 أمَّا بِالنِّسبَةِ لِمُسَاعَدَةِ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ الَّذِينَ فِي القُدْسِ، فَإنَّهُ مِنْ غَيْرِ الضَّرُورِيِّ أنْ أكتُبَ إلَيكُمْ حَوْلَ هَذِهِ المَسألَةِ. 2 أنَا أعْلَمُ مَدَى استِعدَادِكُمْ لِتَقْدِيمِ العَونِ، وَأفتَخِرُ بِكُمْ دَائِمًا أمَامَ المَكدُونِيِّينَ، فَأقُولُ لَهُمْ إنَّ الكَنَائِسَ فِي مُقَاطَعَةِ أخَائِيَّةَ مُسْتَعِدَّةٌ مُنْذُ السَّنَةِ المَاضِيَةِ. وَحَمَاسُكُمْ هَذَا هُوَ الَّذِي شَجَّعَ مُعظَمَهُمْ عَلَى العَطَاءِ. 3 لَكِنِّي أُرسِلُ الإخوَةَ إلَيكُمْ لِكَي يَتَبَيَّنَ أنَّ افتِخَارَنَا بِكُمْ فِي هَذِهِ المَسألَةِ لَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلِكَي تَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ كَمَا قُلْتُ عَنْكُمْ. 4 وَإلَّا فَإنَّهُ إذَا جَاءَ مَعِي بَعْضُ المَكدُونِيِّينَ وَوَجَدنَاكُمْ غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ، فَسَنُحرَجُ، وَأنْتُمْ أيْضًا سَتُحرَجُون! 5 لِهَذَا رَأيْتُ أنَّ مِنَ الضَّرُورِيِّ أنْ أطلُبَ مِنَ الإخوَةِ أنْ يَسْبِقُونَا إلَى زِيَارَتِكُمْ، وَأنْ يُعِدُّوا مُسْبَقًا عَطِيَّتَكُمُ السَّخِيَّةَ الَّتِي سَبَقَ أنْ وَعَدتُمْ بِهَا، فَتَكُونَ عَطِيَّتُكُمْ مُعَدَّةً كَبَرَكَةٍ لَا كَبُخلٍ.
6 وَتَذَكَّرُوا أنَّ «مَنْ يَزْرَعُ القَلِيلَ يَحْصُدُ القَلِيلَ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِوَفرَةٍ يَحْصُدُ بِوَفرَةٍ.» 7 وَيَنْبَغِي أنْ يُعطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا نَوَى فِي قَلْبِهِ، لَا بِتَرَدُّدٍ أوْ عَنْ إكرَاهٍ. فَاللهُ يُحِبُّ المُعطِيَ المُبتَهِجَ. 8 وَهُوَ قَادِرٌ أنْ يَغْمُرَكُمْ بِكُلِّ العَطَايَا الصَّالِحَةِ، لِكَي يَكُونَ عِنْدَكُمْ كُلُّ مَا تَحتَاجُونَ إلَيْهِ فِي كُلِّ أمرٍ وفِي كُلِّ وَقْتٍ، بَلْ مَا يَزِيدُ عَنِ الحَاجَةِ مِنْ أجْلِ القِيَامِ بِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ. 9 فَكَمَا يَقُولُ الكِتَابُ:
«هُوَ يُوَزِّعُ بِسَخَاءٍ،
وَيُعطِي المَسَاكِينَ.
بِرُّهُ إلَى الأبَدِ يَبْقَى.»[f]
10 فَاللهُ الَّذِي يُوَفِّرُ بِذَارًا لِلزَّرْعِ وَخُبْزًا لِلأكْلِ، سَيُزَوِّدُكُمْ بِالبِذَارِ وَيُكَثِّرُهُ، وَسَيَزِيدُ الحَصَادَ النَّاتِجَ عَنْ صَلَاحِكُمْ. 11 وَسَيُغنِيكُمْ بِكُلِّ طَرِيقَةٍ، لِكَي تَكُونُوا كُرَمَاءَ فِي كُلِّ وَقْتٍ. وَسَيُؤَدِّي كَرَمُكُمْ عَنْ طَرِيقِنَا إلَى الشُّكْرِ للهِ.
12 فَهَذِهِ الخِدْمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا لَنْ تُؤَدِّيَ إلَى سَدِّ حَاجَاتِ شَعْبِ اللهِ فَحَسْبُ، لَكِنْ سَتُؤَدِّي أيْضًا إلَى شُكرٍ كَثِيرٍ للهِ. 13 فَلِأنَّ هَذِهِ الخِدْمَةَ بُرهَانٌ لإيمَانِكُمْ، سَيَشْكُرُونَ اللهَ عَلَى إيمَانِكُمُ النَّابِعِ مِنْ طَاعَتِكُمْ لِبِشَارَةِ المَسِيحِ الَّتِي تُجَاهِرُونَ بِإيمَانِكُمْ بِهَا، وَسَيَشْكُرُونَ اللهَ بِسَبَبِ كَرَمِكُمْ فِي مُسَاعَدَتِهِمْ وَمُسَاعَدَةِ الجَمِيعِ. 14 وَحِينَ يُصَلُّونَ مِنْ أجْلِكُمْ سَيَشتَاقُون إلَى رُؤيَتِكُمْ، بِسَبَبِ نِعْمَةِ اللهِ الفَائِقَةِ نَحوَكُمْ. 15 فَشُكْرًا للهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي تَفُوقُ الوَصْفَ!
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International