Chronological
مِنَ الأقْوَالِ الحَكِيمَة
7 أنْ يَكُونَ الإنْسَانُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ خَيْرٌ مِنَ العِطْرِ الثَّمِينِ.
يَوْمُ مَوْتِ الإنْسَانِ خَيْرٌ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ.
2 الذَّهَابُ إلَى جَنَازَةٍ خَيْرٌ مِنَ الذَّهَابِ إلَى حَفلَةٍ.
لِأنَّ المَوْتَ نِهَايَةُ كُلِّ إنْسَانٍ حَيٍّ،
وَيَنْبَغِي أنْ يَتَأمَّلَ كُلُّ إنْسَانٍ فِي هَذَا.
3 الحُزنُ أفْضَلُ مِنَ الضَّحِكِ.
فَعِنْدَمَا تَحْزَنُ الوُجُوهُ، تَفْرَحُ القُلُوبُ.
4 الرَّجُلُ الحَكِيمُ يَضَعُ المَوْتَ نَصْبَ عَيْنَيْهِ،
أمَّا الأحْمَقُ فَلَا يُفَكِّرُ إلَّا فِي مُتْعَتِهِ.
5 أنْ يَسْمَعَ الإنْسَانُ انْتِقَادَ الحَكِيمِ خَيْرٌ مِنْ أنْ يَسْمَعَ مَدِيحَ الأحْمَقِ أوْ غِنَائِهِ.
6 ضَحِكُ الحَمْقَى مَضْيَعَةٌ.
صَوْتُهُ أشْبَهُ بِأشْوَاكٍ تَحْتَرِقُ سَريعًا تَحْتَ قِدْرٍ.
هَذَا أيْضًا زَائِلٌ.
7 الضِّيقُ يُحَوِّلُ الحَكيمَ إلَى أحْمَقَ،
وَالرِّشوَةُ تُفسِدُ القَلْبَ.
8 أنْ تُنهِيَ مَشْرُوعًا خَيْرٌ مِنْ أنْ تَبْدَأهُ.
وَأنْ تَكُونَ وَدِيعًا وَصَبُورًا خَيْرٌ مِنْ أنْ تَكُونَ مُتَكَبِّرًا وَبِلَا صَبْرٍ.
9 لَا تُسْرِعْ إلَى الغَضَبِ،
لِأنَّ الحَمْقَى لَا بُدَّ أنْ يُواجِهُوا عَوَاقِبَ غَضَبِهِمْ.
10 لَا تَقُلْ: «كَانَتِ الأيَّامُ القَدِيمَةُ أفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الأيَّامَ. فَمَاذَا حَدَثَ؟»
فَالحِكْمَةُ لَا تَقُودُنَا إلَى طَرْحِ هَذَا السُّؤَالِ.
11 الحِكْمَةُ أفْضَلُ مَعَ المُمتَلَكَاتِ. وَالحِكْمَةُ تَقُودُ أصْحَابَهَا إلَى الغِنَى. 12 الحِكْمَةُ وَالمَالُ يَقْدِرَانِ أنْ يَحْمِيَاكَ. لَكِنَّ المَعْرِفَةَ النَّاتِجَةَ عَنِ الحِكْمَةِ أفْضَلُ، فَهِيَ تَقْدِرُ أنْ تُخَلِّصَكَ.
13 تَأمَّلْ مَا صَنَعَهُ اللهُ. أنْتَ لَا تَقْدِرُ أنْ تُغَيِّرَ فِيهِ شَيْئًا، حَتَّى لَوْ لَمْ يُعجِبْكَ. 14 تَمَتَّعْ بِالحَيَاةِ عِنْدَمَا تَبْتَسِمُ لَكَ. لَكِنْ عِنْدَمَا تَعْبَسُ فِي وَجْهِكَ، تَذَكَّرْ أنَّ اللهَ يُعطِيَنَا أوْقَاتًا طَيِّبَةً وَأوْقَاتًا صَعْبَةً. وَلَا يَعْرِفُ الإنْسَانُ مَا يَنْتَظِرُهُ فِي المُسْتَقْبَلِ.
لَا يَسْتَطِيعُ البَشَرُ أنْ يَكُونُوا صَالِحِين
15 فِي حَيَاتِي القَصِيرَةِ هَذِهِ، رَأيْتُ كُلَّ شَيءٍ. رَأيْتُ صَالِحِينَ يَمُوتُونَ فِي رَيَعَانِ الشَّبَابِ. وَرَأيْتُ أشْرَارًا يَطُولُ بِهِمُ العُمْرُ. 16 لَا تُبَالِغْ فِي التَّظَاهُرِ بِالبِرِّ، وَلَا تُبَالِغْ فِي التَّظَاهُرِ بِالحِكْمَةِ. وَإلَّا فَإنَّكَ سَتُدَمِّرُ نَفْسَكَ. 17 إنْ أخْطأتَ، فَلَا تَتَمَادَ فِي الشَّرِّ وَلَا تَسْلُكْ بِالحُمْقِ. وَإلَّا فَإنَّكَ سَتَمُوتُ قَبْلَ أوَانِكَ.
18 تَجَنَّبِ المُبَالَغَةَ وَالتَّطَرُّفَ، فَحَتَّى مُتَّقُو اللهِ يَفْعَلُونَ أشْيَاءً صَالِحَةً وَأُخرَى سَيِّئَةً. 19 الحِكْمَةُ تَجْعَلُ صَاحِبَهَا أقَوَى مِنْ عَشْرَةِ قَادَةٍ فِي مَدِينَةٍ. 20 لِأنَّهُ مَا مِنْ إنْسَانٍ يَعْمَلُ الصَّلَاحَ دَائِمًا، وَلَا يُخطِئُ أبَدًا.
21 لَا تُصغِ إلَى كُلِّ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ، وَإلَّا فَإنَّكَ سَتَسْمَعُ حَتَّى خَادِمَكَ وَهُوَ يَقُولُ عَنْكَ مَا لَا يُعجِبُكَ. 22 وَأنْتَ تَعْلَمُ فِي قَرَارَةِ نَفْسِكَ أنَّكَ كَثِيرًا مَا قُلْتَ عَنِ الآخَرِينَ مَا لَا يُعجِبُهُمْ.
23 تَأمَّلْتُ هَذَا كُلَّهُ بِحِكْمَتِي، وَقَلْتُ: «سَأكُونُ حَكِيمًا.» لَكِنَّ ذَلِكَ ظَلَّ أُمنِيَةً بَعِيدَةً. 24 الأسْرَارُ تَأْبَى أنْ تُكشَفَ، وَالأُمُورُ العَوِيصَةُ تَرْفُضُ أنْ تُعرَفَ. 25 دَرَسْتُ وَفَتَّشْتُ بَحْثًا عَنِ الحِكْمَةِ الحَقِيقِيَّةِ. أرَدْتُ أنْ أجِدَ سَبَبًا لِكُلِّ شَيءٍ. فَعَلِمْتُ أنَّ فِعلَ الشَّرِّ حَمَاقَةٌ، وَأنَّ ارتِكَابَ الحَمَاقَاتِ جُنُونٌ.
26 وَوَجَدتُ أيْضًا أنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ أمَرُّ مِنَ المَوْتِ! قُلُوبُهُنَّ مَصَائِدٌ وَشِبَاكٌ. أذْرُعُهُنَّ سَلَاسِلُ. فَمَنْ يَتَّقِي اللهَ يَهْرُبُ مِنْهُنَّ، أمَّا الخَاطِئُ فَيَصْطَدْنَهُ.
27 يَقُولُ المُعَلِّمُ: «وَضَعْتُ الحَقَائِقَ كُلَّهَا جَنْبًا إلَى جَنْبٍ لِأرَى أيَّ جَوَابٍ يُمْكِنُ أنْ أجِدَ، فَوَجَدتُ هَذَا 28 – مَعَ أنَّني مَا زِلْتُ أسْعَى إلَى جَوَابٍ مِنْ دُونِ جَدوَى – بِالكَادِ أجِدُ رَجُلًا صَالِحًا بَيْنَ ألفٍ، وَلَا أجِدُ امْرأةً صَالِحَةً بَيْنَهُمْ أيْضًا!
29 «وَتَعَلَّمْتُ أيْضًا حَقِيقَةً أُخْرَى: صَنَعَ اللهُ النَّاسَ لِيَكُونُوا صَالِحِينَ، لَكِنّهُمُ ابتَكَرُوا طُرُقًا كَثِيرَةً لَارْتِكَابِ الشَّرِّ.»
الحِكْمَةُ وَالقُوَّة
8 مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَفْهَمَ وَيُفَسِّرَ الأشْيَاءَ كَالحَكِيمِ. حِكمَةُ الإنْسَانِ تُفَرِّحُهُ، وَتُفَرِّحُ الآخَرِينَ.
2 أنصَحُكَ بِأنْ تُطِيعَ أمْرَ المَلِكِ، لِأنَّكَ نَذَرْتَ هَذَا النِّذْرَ للهِ. 3 لَا تَتَرَدَّدْ فِي تَقْدِيمِ اقتِرَاحَاتٍ لِلمَلِكِ. وَلَا تَدْعَمْ شَيْئًا خَاطِئًا، لَكِنْ تَذَكَّرْ أنَّ المَلِكَ يُقَرِّرُ مَا يَشَاءُ. 4 أوَامِرُ المَلِكِ مُلْزِمَةٌ، وَلَيْسَ مَنْ يَعْتَرِضُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ. 5 مَنْ يُطِيعُ أوَامِرَ المَلِكِ يَأْمَنُ، وَالرَّجُلُ الحَكِيمُ يَعْرِفُ مَتَى وَكَيْفَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
6 لِكُلِّ شَيءٍ وَقْتٌ مُلَائِمٌ، وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ مُلَائِمَةٌ لِعَمَلِ كُلِّ شَيءٍ. وَإنْ لَمْ يَفْعَلِ المَرءُ ذَلِكَ، سَتَأْتِي عَلَيْهِ المَتَاعِبُ. 7 لَا سَبِيلَ لِلإنْسَانِ إلَى مَعْرِفَةِ المُسْتَقْبَلِ، لِأنَّهُ مَا مِنْ أحَدٍ يَقْدِرُ أنْ يُخبِرَهُ بِمَا سَيَحْدُثُ.
8 مَا مِنْ أحَدٍ يَقْدِرُ أنْ يَمْنَعَ الرَّوْحَ مِنْ مُغَادَرَةِ الجَسَدِ. وَمَا مِنْ أحَدٍ يَقْدِرُ أنْ يَمْنَعَ مَوْتَهُ. لَا يُسْمَحُ لِلمُحَارِبِ بِإخلَاءِ مَوْقِعِهِ، كَذَلِكَ الشَّرُّ لَا يُخلِي سَبيلَ الأشْرَارِ.
9 رأيتُ هَذَا كُلَّهُ. وَتَأمَّلْتُ جَيِّدًا جَمِيعَ مَا عَمِلَهُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا. فَرَأيْتُ أنَّ الإنْسَانَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الإنْسَانِ، فَيُسَبِّبَ الأذَى لِنَفْسِهِ.
10 وَرَأيْتُ أيْضًا أشْرَارًا يُدفَنُونَ فِي جَنَازَاتٍ مَهِيبَةٍ. وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَمْدَحُونَهُمْ فِي المَدِينَةِ نَفْسِهَا الَّتِي فَعَلُوا الشَّرَّ فِيهَا! هَذَا أيْضًا بِلَا مَعنَى.
العَدلُ وَالعِقَابُ وَالثَّوَاب
11 لَا يُعَاقَبُ النَّاسُ فَوْرًا عَلَى شَرِّهِمْ، فِلِمَاذَا لَا يَفْعَلُ الآخَرُونَ الشَّرِّ أيْضًا؟
12 قَدْ يَرْتَكِبُ خَاطِئٌ مِئَةَ جَرِيمَةٍ، وَيَطُولُ بِهِ العُمْرُ. لَكِنِّي أعْلَمُ أنَّهُ خَيْرٌ لِلنَّاسِ أنْ يَخَافُوا اللهَ. 13 أمَّا الأشْرَارُ فَلَنْ يَرَوْا خَيْرًا. وَلَنْ يَطُولَ العُمْرُ بِهِمْ. لَنْ تَكُونَ حَيَاتُهُمْ كَالظِّلَالِ الَّتِي تَطُولُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
14 شَيءٌ آخَرُ زَائِلٌ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ: يُفتَرَضُ أنْ يُصِيبَ الشَّرُّ الأشْرَارَ وَالخَيْرُ الأخيَارَ. لَكِنِّي أرَى أنَّ الشَّرَّ يُصِيبُ الأخيَارَ أحْيَانًا، وَالخَيْرَ يُصِيبُ الأشْرَارَ. هَذَا أيْضًا بِلَا مَعَنَى. 15 فَاسْتَنْتَجْتُ أنَّ التَّمَتُّعَ بِالحَيَاةِ هُوَ أفْضَلُ مَا يُمْكِنُ أنْ يَفْعَلَهُ إنْسَانٌ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا.[a] فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيُمَتِّعُ نَفْسَهُ، إذْ سَيَكُونُ هَذَا ثَمَرَ تَعَبِ البَشَرِ فِي العَمَلِ الَّذِي أعطَاهُمْ إيَّاهُ اللهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا.
لَا نَسْتَطِيعُ فَهْمَ كلِّ مَا يَفْعَلُهُ الله
16 تَأمَّلتُ لِأكتَشِفَ الحِكْمَةَ، لِأفهَمَ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَلَى الأرْضِ. رَأيْتُهُمْ مُنشَغِلِينَ نَهَارًا وَلَيلًا دُونَ نَوْمٍ. 17 ثُمَّ رَأيْتُ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ. لَا يُمْكِنُ لِأحَدٍ أنْ يَفْهَمَ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا. لَا يُمْكِنُ لِأحَدٍ مَهْمَا تَعِبَ فِي البَحْثِ أنْ يَفْهَمَ أعْمَالَهُ. حَتَّى الَّذِينَ يَدَّعُونَ الحِكْمَةَ، لَا يُمكِنُهُمْ ذَلِكَ.
هَلِ المَوْتُ مُنصِفٌ؟
9 تَأمَّلْتُ هَذَا كُلَّهُ وَتَفَحَّصْتُهُ. رَأيْتُ أنَّ حيَاةَ الصَّالِحِينَ وَالحُكَمَاءِ وَأعْمَالَهُمْ فِي يَدِ اللهِ. لَا يَعْلَمُ النَّاسُ إنْ كَانُوا سَيُحَبُّونَ أمْ سَيُبغَضُونَ. كُلُّ مَا سَيَحْدُثُ مَعَهُمْ فَارِغٌ. 2 وَمَصِيرٌ وَاحِدٌ لِلجَمِيعِ! لِلأخيَارِ وَلِلأشْرَارِ، لِلأنقِيَاءِ وَغَيرِ الأنقِيَاءِ. لِمَنْ يُقَدِّمُونَ الذَّبَائِحَ وَمَن لَا يُقَدِّمُونَ. الصَّالِحُونَ كَالخُطَاةِ! وَالنَّاذِرُ نُذُورًا كَمَنْ يَتَجَنَّبُونَ النُّذُورَ.
3 أسوَأُ مَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا[b] أنَّ مَصِيرًا وَاحِدًا يَنْتَظِرُ الجَمِيعَ. وَمَعَ هَذَا يُفَكِّرُونَ عَلَى الدَّوَامِ أفكَارَ الشَّرِّ وَالحَمَاقَةِ. وَهَذِهِ الأفكَارُ عَاقِبَتُهَا المَوْتُ. 4 لَكِنْ، لَا أحَدَ يُسْتَثْنَى مِنَ المَوْتِ؟ لَكِنْ لَا يُوجَدُ لِأيِّ حَيٍّ رَجَاءٌ. وَصَدَقَ مَنْ قَالَ:
كَلْبٌ حَيٌّ، خَيْرٌ مِنْ أسَدٍ مَيِّتٍ.
5 يَعْرِفُ النَّاسُ الأحيَاءُ الآنَ أنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ. أمَّا المَوْتَى فَلَا يَعْرِفُوُنَ شَيْئًا. وَلَنْ يَنَالُوا بَعْدُ مَا يَنَالُهُ البَشَرُ مِنْ مُكَافَآتٍ، ثُمَّ يَنسَاهُمُ النَّاسُ. 6 لَنْ يَعُودُوا قَادِرِينَ عَلَى الحُبِّ وَالبُغضِ وَالغَيْرَةِ. وَلَنْ يَشْتَرِكُوا مَرَّةً أُخْرَى فِي خِبْرَاتِ هَذِهِ الدُّنيَا.
تَمَتَّعْ بِالحَيَاة
7 فَاذهَبْ وَكُلْ طَعَامَكَ وَتَمَتَّعْ بِهِ، وَاشْرَبْ نَبِيذَكَ وَافرَحْ، فَهَذِهِ مَقبُولَةٌ عِنْدَ اللهِ. 8 البِسْ مَلَابِسَ جَمِيلَةً نَظِيفَةً، وَاظهَرْ بِمَظهَرٍ حَسَنٍ. 9 تَمَتَّعْ بِحَيَاتِكَ مَعَ زَوْجَتِكَ، حَبِيبَةِ عُمْرِكَ. تَمَتَّعْ بِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أيَّامِ حَيَاتِكَ الزَّائِلَةِ الَّتِي أعطَاكَ إيَّاهَا اللهُ. فَهَذَا كُلُّ مَا سَتَنَالُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا. فَتَمَتَّعْ بِمَا تَعْمَلُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا. 10 إنْ عَمِلْتَ شَيْئًا، فَأتْقِنْهُ قَدْرَ اسْتِطَاعَتِكَ. فَفِي الهَاوِيَةِ حَيْثُ سَنَذْهَبُ كُلُّنَا، لَنْ تَخْتَبِرَ العَمَلَ وَالتَّفكِيرَ وَالمَعْرِفَةَ وَالحِكْمَةِ.
لَا عَدلَ فِي هَذِهِ الدُّنيَا
11 وَرَأيْتُ أيْضًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا أنَّ الأسْرَعَ لَا يَكْسِبُ السِّبَاقَ دَائِمًا، وَأنَّ الأقوَى لَا يَرْبَحُ المَعَارِكَ دَائِمًا. رَأيْتُ حَكِيمًا بِلَا طَعَامٍ، وَذَكِيًّا بِلَا مَالٍ، وَمَاهِرًا بِلَا تَقْدِيرٍ. فَتَقَلُّبَاتُ الزَّمَنِ وَأحْدَاثُهُ تُصِيبُهُمْ جَمِيعًا!
12 لَا يَعْرِفُ المَرءُ مَوْعِدَ المُصِيبَةِ التَّالِيَةِ. فَهُوَ أشبَهُ بِسَمَكَةٍ تُصطَادُ فِي شَبَكَةٍ فَجْأةً. وَهُوَ أشبَهُ بِالعَصَافِيرِ الَّتِي تَقَعُ فِي مَصَائِدَ فَجْأةً. هَكَذَا الإنْسَانُ الَّذِي يَقَعُ فِي فَخِّ المَصَائِبِ.
قُوَّةُ الحِكْمَة
13 رَأيْتُ أيْضًا رَجُلًا يَفْعَلُ شَيْئًا حَكِيمًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا. وَقَدَّرْتُ مَا فَعَلَهُ كَثِيرًا. 14 كَانَتْ هُنَاكَ مَدِينَةٌ صَغِيرَةٌ قَلِيلَةُ السُّكَّانِ، فَجَاءَ مَلِكٌ عَظِيمٌ وَحَاصَرَهَا. 15 وَكَانَ فِي تِلْكَ المَدِينَةِ رَجُلٌ حَكِيمٌ فَقِيرٌ، فَحَرَّرَ المَدِينَةَ بِحِكْمَتَهِ. لَكِنْ نَسِيَ النَّاسُ ذَلِكَ الرَّجُلَ. 16 لِذَلِكَ أقُولُ إنَّ الحِكْمَةَ أفْضَلُ مِنَ القُوَّةِ. لَكِنَّ النَّاسَ يَحْتَقِرُونَ حِكمَةَ الفَقِيرِ، وَلَا يُصغُونَ إلَى كَلَامِهِ.
17 كَلِمَاتٌ قَلِيلَةٌ يَقُولُهَا حَكِيمٌ بِهُدُوءٍ،
أفْضَلُ مِنْ كَلِمَاتٍ صَارِخَةٍ يُطلِقُهَا حَاكِمٌ أحْمَقُ.
18 الحِكْمَةُ أقوَى مِنَ الأسلِحَةِ،
لَكِنَّ خَاطِئًا وَاحِدًا يَقْدِرُ أنْ يُخَرِّبَ خَيْرًا كَثِيرًا.
10 ذُبَابٌ قَلِيلٌ مَيِّتٌ يُنْتِنُ أطيَبَ العُطُورِ. وَيُمكِنُ لِحَمَاقَةٍ قَليلَةٍ أنْ تُفسِدَ الكَثِيرَ مِنَ الحِكمَةِ وَالكَرَامَةِ.
2 أفكَارُ الحَكِيمِ تَقُودُهُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ. أمَّا أفكَارُ الأحْمَقِ فَتَقُودُهُ إلَى الِانْحِرَافِ. 3 الأحْمَقُ يُظهِرُ حُمقَهُ حَتَّى فِي مُجَرَّدِ سَيرِهِ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ يُعلِنُ جَهلَهُ لِلجَمِيعِ.
4 لَا تَتْرُكْ عَمَلَكَ لِمُجَرَّدِ أنَّ رَئِيسَكَ غَضِبَ عَلَيْكَ، إذْ تَسْتَطِيعُ بِهُدُوئِكَ وَتَعَاوُنِكَ أنْ تُصَحِّحَ أخطَاءً كَبِيرَةً.
5 وَرَأيْتُ ظَلْمًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا،[c] تِلْكَ الأخطَاءَ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا الحُكَّامُ. 6 يُعْطَى الحَمْقَى مَنَاصِبَ عَالِيَةً. أمَّا الأغنِيَاءُ فَيَنْزِلُونَ إلَى الحَضِيضِ. 7 رَأيْتُ عَبِيدًا صَارُوا سَادَةً يَرْكَبُونَ الخَيلَ. وَرَأيْتُ سَادَةً صَارُوا يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ كَالعَبِيدِ.
لِكُلِّ وَظِيفَةٍ مَخَاطِرُهَا
8 مَنْ يَحْفِرُ حُفرَةً يَقَعُ فِيهَا. وَمَنْ يَهْدِمُ حَائِطًا تَلْدَغُهُ حَيَّةٌ. 9 مَنْ يَقْطَعُ حِجَارَةً يَتَأذَّى بِهَا. وَمَنْ يَحْطِبُ الأشْجَارَ مُعَرَّضٌ لِلخَطَرِ. 10 لَكِنَّ الحِكْمَةَ تَجْعَلُ أيَّةَ وَظِيفَةٍ أكْثَرَ سُهُولَةً. السِّكِّينُ غَيْرُ الحَادَّةِ لَا تَقْطَعُ، أمَّا السِّكِّينُ المُسَنَّنَةُ فَتَقْطَعُ جَيِّدًا.
11 إذَا لَدَغَتِ الحَيَّةُ أحَدًا فِي غِيَابِ الحَاوِي، فَمَا الفَائِدَةُ مِنْ كُلِّ سِحرِهِ؟
12 كَلِمَاتُ الحَكِيمِ تَعُودُ عَلَيْهِ بِالمَدِيحِ، أمَّا كَلِمَاتُ الأحْمَقِ فَتَعُودُ عَلَيْهِ بِالدَّمَارِ.
13 يَبْدَأُ الأحْمَقُ كَلَامَهُ بِالحَمَاقَاتِ، وَيُنهِي كَلَامَهُ بِأشْيَاءَ جُنُونِيَّةٍ. 14 لَكِنَّ الأحْمَقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَنِ الكَلَامِ. مَا مِنْ إنْسَانٍ يَعْلَمُ مَا سَيَحْدُثُ، أوْ مَا يُخَبِّئُهُ المُسْتَقْبَلُ. 15 يُجهِدُ الأحْمَقُ نَفْسَهُ حَتَّى الإنهَاكِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ طَرِيقَهُ إلَى قَرْيَتِهِ.
قِيمَةُ العَمَل
16 وَيْلٌ لِبَلَدٍ مَلِكُهُ وَلَدٌ، وَقَادَتُهُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إلَى الصَّبَاحِ. 17 وَهَنِيئًا لِبَلَدٍ مَلِكُهُ نَبِيلٌ، يَأْكُلُ قَادَتُهُ طَعَامَهُمْ فِي وَقْتِهِ لِلقُوَّةِ لَا لِلسُّكْرِ.
18 سَقفُ الكُسَالَى لَا بُدَّ أنْ يَهْبِطَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَنهَارُ بِسَبَبِ تَرَاخِيهِمْ.
19 يَأْكُلُ النَّاسُ الطَّعَامَ لِيَضْحَكُوا، وَيَشْرَبُونَ الخَمْرَ لِيَفْرَحُوا. لَكِنَّ المَالَ يَحُلُّ كُلَّ أنْوَاعِ المَشَاكِلِ.
الِاسْتِغَابَة
20 لَا تَتَكَلَّمْ بِالسُّوءِ عَلَى المَلِكِ وَلَا حَتَّى فِي فِكْرِكَ. وَلَا تَتَكَلَّمْ بِالسُّوءِ عَلَى الأغنِيَاءِ، وَلَا حَتَّى عَلَى فِرَاشِكَ. لِأنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَنْقُلُ الكَلَامَ.
11 افْعَلِ الخَيْرَ حَيْثُمَا أمْكَنَكَ ذَلِكَ. فَبَعْدَ وَقْتٍ، طَالَ أمْ قَصُرَ، سَتَجِدُ أنَّ ذَلِكَ قَدْ عَادَ عَلَيْكَ بِالخَيْرِ.
2 اسْتَثْمِرْ مَا لَدَيكَ فِي أُمُورٍ عِدَّةٍ، فَأنْتَ لَا تَعْرِفُ أيَّةَ تَطَوُّرَاتٍ سَيِّئَةٍ سَتَحْدُثُ.
3 نَعْرِفُ أنَّهُ إنِ امتَلأتِ الغُيُومُ بِالمَطَرِ، سَتَسْكُبُهُ عَلَى الأرْضِ. وَإنْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ إلَى الشِّمَالِ أوِ الجَنُوبِ، فَسَتَبْقَى حَيْثُ وَقَعَتْ.
4 فَمَنْ يَنْتَظِرُ الرِّيحَ المُنَاسِبَةَ لَنْ يَزْرَعَ، وَمَنْ يَحْسِبُ حِسَابًا لِلغُيُومِ لَنْ يَحْصُدَ. 5 وَكَمَا لَا تَعْلَمُ مِنْ أيْنَ تَهُبُّ الرِّيحُ، أوْ كَيْفَ تَتَشَكَّلُ عِظَامُ الجَنِينِ فِي الرَّحِمِ، كَذَلِكَ لَا تَعْلَمُ مَا سَيَفْعَلُهُ اللهُ الَّذِي يَصْنَعُ كُلَّ شَيءٍ.
6 فَبَادِرْ إلَى زَرعِ زَرعِكَ فِي الصَّبَاحِ، وَلَا تَتَوَقَّفْ حَتَّى المَسَاءِ. فَأنْتَ لَا تَعْلَمُ أيَّ بِذَارٍ سَتُغنِيكَ. وَرُبَّمَا يَنْجَحُ كِلَاهُمَا.
7 حَسَنٌ أنْ يَكُونَ المَرْءُ عَلَى قَيدِ الحَيَاةِ، وَحُلْوٌّ أنْ يَرَى نُورَ الشَّمْسِ. 8 فَليَتَمَتَّعْ مَنْ يَعِيشُ طَوِيلًا بِكُلِّ سَنَوَاتِهِ، وَلَيتَذَكَّرْ أنَّ أيَامَ الظُلْمَةِ كَثِيرَةٌ أيْضًا، وَكُلُّ مَا سَيَأْتِي زَائِلٌ.
اخدِمِ اللهَ فِي شَبَابِك
9 أيُّهَا الشَّابُ، تَمَتَّعْ بِشَبَابِكَ. افرَحْ وَافْعَلْ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ قَلْبُكَ وَتَشْتَهيهِ عَينَاكَ. لَكِنْ تَذَكَّرْ أنَّ اللهَ سَيُحَاسِبُكَ عَلَى كُلِّ مَا تَفْعَلُهُ. 10 لَا تَدَعْ غَضَبَكَ يَغْلِبْكَ. وَأبْعِدِ الخَطِيَّةَ عَنْ جَسَدِكَ. فَالشَّبَابُ وَفَجْرُ الحَيَاةِ زَائِلَانْ.
الإيمَانُ فِي أيَّامِ الشَّبَاب
12 فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أيَّامِ شَبَابِكَ، قَبْلَ أنْ تُدَاهِمَكَ سَنَوَاتُ الشَّيخُوخَةِ الصَّعْبَةِ. لِأنَّكَ حِينَئِذٍ، سَتَقُولُ: «أيْنَ سَعَادَتِي؟» 2 قَبْلَ أنْ يَأْتِيَ زَمَنٌ تُظلِمُ فِيهِ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ لَكَ، وَتَتَكَاثَرُ الغُيُومُ بَعْدَ المَطَرِ. 3 حِينَئِذٍ، سَتَفْقِدُ ذِرَاعَاكَ قُوَّتَهُمَا. وَتَضْعُفُ رِجلَاكَ وَتَنْحَنِيَانِ. تَضْعُفُ أسْنَانُكَ وَتَتَسَاقَطُ. وَيَكِلُّ نَظَرُكَ.[d] 4 يَضْعُفُ سَمْعُكَ[e] فَلَا تَقْدِرَ أنْ تَسْمَعَ أصوَاتَ المَطَاحِنِ، أوْ غِنَاءَ النِّسَاءِ. لَكِنَّكَ سَتَصْحُو عَلَى صَوْتِ عُصفُورٍ![f] 5 المُرتَفَعَاتُ سَتُخِيفُكَ. وَكُلُّ حَجَرٍ فِي الطَّرِيقِ، مَهْمَا صَغُرَ، يُعْثِرُكَ. سَيَبْيَضُّ شَعْرُكَ. وَتَجُرُّ قَدَمَيكَ بِتَثَاقُلٍ،[g] وَتَفْقِدُ شَهِيَّتَكَ.[h] ثُمَّ تَذْهَبُ إلَى بَيْتِكَ الأبَدِيِّ. وَيَنُوحُ عَلَيْكَ النَّادِبُونَ وَهُمْ يَحْمِلُونَكَ إلَى القَبْرِ.
المَوْت
6 اذْكُرْ خَالِقَكَ قَبْلَ أنْ يَنْقَطِعَ حَبلُ الفِضَّةِ،
وَيَتَحَطَّمُ إنَاءُ الذَّهَبِ،
وَتَنْكَسِرُ حَيَاتُكَ مِثْلَ جَرَّةٍ عِنْدَ بِئرٍ،
أوْ كَحَجَرٍ يُغَطِّي بَابَ بِئرٍ فَيَسْقُطُ فِي دَاخِلِهَا.
7 حِينَئِذٍ، يَعُودُ جَسَدُكَ إلَى التُّرَابِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ،
وَتَعُودُ الرُّوحُ إلَى اللهِ الَّذِي جَاءَتْ مِنْهُ.
8 كُلُّ شَيءٍ زَائِلٌ وَبِلَا مَعْنَى، يَقُولُ المُعَلِّمُ، الكُلُّ زَائلٌ!
الخُلَاصَة
9 كَانَ المُعَلِّمُ حَكِيمًا. بِحِكمَتِهِ عَلَّمَ الشَّعْبَ. وَزَنَ أُمُورَ الحَيَاةِ وَدَرَسَ وَفَتَّشَ، وَجَمَعَ أمثَالًا وَحِكَمًا كَثِيرَةً. 10 اجتَهَدَ المُعَلِّمُ أنْ يَجِدَ الكَلِمَاتِ المُنَاسِبَةَ. فَكَتَبَ تَعَالِيمَ مُسْتَقِيمَةً وَجَدِيرَةً بِالثِّقَةِ.
11 كَلَامُ الحُكَمَاءِ مُؤَشِّرٌ إلَى الطَّرِيقِ القَوِيمِ. هُوَ أشْبَهُ بِأوْتَادٍ مُمَكَّنَةٍ لَا تُقلَعُ. وَلَهُ كُلَّهُ مَصدَرٌ وَاحِدٌ، هُوَ اللهُ الرَّاعِي. 12 فَادرُسْ يَا ابْنِي هَذِهِ التَّعَالِيمَ. لَكِنِ احتَرِسْ مِنَ الكُتُبِ الأُخرَى. فَالنَّاسُ يَكْتُبُونَ كُتُبًا لَا حَصْرَ لَهُا. وَدِرَاسَتُهَا كُلُّهَا أمْرٌ مُتْعِبٌ جِدًّا.
13 وَالْآنَ مَا هِيَ خُلَاصَةُ هَذَا الكِتَابِ كُلِّهِ؟ اتِّقِ اللهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ. فَهَذَا هُوَ القَصْدُ الَّذِي خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ أجْلِهِ. 14 وَسَيُحَاسِبُ اللهُ النَّاسَ جَمِيعًا بِحَسَبِ أعْمَالِهِمْ – حَتَّى الخَفِيَّةِ مِنْهَا – إنْ كَانَتْ خَيْرًا أوْ شَرًّا.
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International